هيمنت الحرب الروسية على أوكرانيا على جلسات اليوم الثاني والختامي لمنتدى الدوحة، الذي ناقش إلى جانبها مستقبل الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب والتوزيع العادل للقاحات كورونا، وقضايا التعليم والمناخ واللجوء، وقضايا التنمية الاقتصادية وتعزيز دور المرأة.
وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، قد رفض في معرض حديثه في منتدى الدوحة عن تطورات الحرب الروسية على أوكرانيا، التعليق على دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن لعزل الرئيس الروسي بوتين عن السلطة، وقال إنه يعلق فقط على رأي رئيسه إيمانويل ماكرون “الذي يؤكد على الاستمرار في الحوار مع الرئيس الروسي لوقف الحرب في أوكرانيا”.
واعتبر لودريان أن الرئيس الروسي لم ينجح في تحقيق ما أراده من الحرب، قائلاً: “يجب الاستمرار في الحوار معه حتى يفهم أن ثمن الحرب على أوكرانيا يكلفه الكثير”، مضيفا أن الرئيس الفرنسي يواصل التحدث مع بوتين بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وبدء التفاوض”.
وشدد وزير الخارجية الفرنسي على أن “معايير الاستقرار والأمن في أوروبا باتت على المحك بعد الحرب الروسية على أوكرانيا”، مضيفا: “نحن نواجه خطرا على الاستقرار العالمي أيضا”.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري قد أكد موقف قطر الواضح منذ بداية الأزمة برفض التصعيد العسكري الروسي في أوكرانيا. وقال الأنصاري، خلال جلسات منتدى الدوحة، إن بلاده “مستعدة للقيام بأي جهد يؤدي إلى التوصل لحل بين روسيا وأوكرانيا”.
وفي الشأن ذاته، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن بلاده تبذل جهودا سياسية كبيرة لوضع نهاية للحرب في أوكرانيا، وإن “الناتو” برهن على وحدة كبيرة خلال هذه الحرب، وإنه ما زال يتمتع بقوة وجاهزية عالية. وأكد أكار أن “تركيا لن تعترف بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني”، مطالبا بأن يوسع مجلس الأمن الدولي عضويته الدائمة لأكثر من 5 دول.
واتهم وزير خارجية سلوفاكيا إيفان كورتشوك روسيا بأنها “تعمل على تدمير الهندسة الأمنية للقارة الأوروبية”، لكنه قال إن “هذه الحرب تؤدي إلى تعزيز حلف شمال الأطلسي الذي أصبح أقوى وأكثر حضوراً في شرق أوروبا، فضلاً عن تعزيز وحدة الغرب وزيادة الإنفاق العسكري في مجال الدفاع على المستوى الأوروبي تحديدا”، وأضاف أن “الدول الأوروبية تحاول الآن الاستقلال أكثر في مجال الطاقة”، مشيراً إلى أن بلاده، التي تعتمد بشكل تام على واردات الطاقة من روسيا، تسعى حالياً إلى البحث عن مصادر أخرى.
وتحدث رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورجي براندي عن الثمن الكبير الذي ستدفعه روسيا جراء هذا التصعيد العسكري، ورأى أن “الاقتصاد الروسي سيتعرض لضربة قوية في ظل مساعي دول أوروبا للاستغناء عن الطاقة الروسية التي تغطي 40 بالمائة من احتياجات القارة”.
من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الباكستانية السابقة، حنة رباني كهار، إن “الغرب ساهم في انقسام العالم، وهو يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأمور، بعد أن تم تهميش دور الأمم المتحدة خلال العقدين الماضيين”، وتوقعت أن يكون للحرب الدائرة في أوكرانيا تداعيات كثيرة اقتصادية وعسكرية على أوروبا والعالم.
الملف النووي الإيراني
وفي الملف النووي الإيراني، ظهر التباين واضحاً في الموقفين الأميركي والإيراني في القضية التي نوقشت في جلسات المنتدى، إذ أكد المبعوث الأميركي الخاص لإيران، روبرت مالي، أنّ عقوبات بلاده على “الحرس الثوري” الإيراني ستبقى، بغضّ النظر عن الاتفاق النووي، في حين قال مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، كمال خرازي، إن “الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية وشيك”، لكنه ربط ذلك برفع “الحرس الثوري” ونحو 500 شخصية وكيان إيراني من قائمة العقوبات الأميركية، مضيفا: “هؤلاء أو جزء من هؤلاء له تأثير اقتصادي مباشر على العلاقات الاقتصادية بين إيران والدول الغربية”.
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع القطري، خالد العطية، قد أكد تطلع بلاده منذ فترة إلى الوصول لـ”نهاية سعيدة” للاتفاق النووي، وقال: “إذا تحقق ذلك فعلينا الانتقال للمرحلة الثانية، التي نشجع الشركاء عليها، وهي وضع إطار للأمن بين اللاعبين في هذه المنطقة”، مؤكداً أن أي تطور في مسألة الاتفاق مع إيران سينعكس إيجاباً على مختلف المسائل الإقليمية.
وأضاف: “لا يمكن فصل دول المنطقة، وعليها التعايش مع بعضها مع وضع اتفاقية إطارية أمنية تكون بمثابة أرضية ثابتة بينها”.
يذكر أن النسخة العشرين من منتدى الدوحة التي اختتمت اليوم وعقدت تحت شعار “التحول إلى عصر جديد” شهدت مشاركة عالمية واسعة من القادة والمفكرين وصانعي السياسات وخبراء الصحافة والإعلام، الذين ناقشوا على مدى يومين أربعة موضوعات رئيسة تمثلت في التحالفات الجيوسياسية والعلاقات الدولية، والنظام المالي والتنمية الاقتصادية، والدفاع والأمن السيبراني والأمن الغذائي، والاستدامة وتغير المناخ.