شهدت الأيام الأخيرة تحولات مفاجأة بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015 حيث كان الاتفاق على وشك التوقيع لتأتي الحرب الروسية الاوكرانية وتطيح به بعيداً.
يأتي ذلك بعد مطالبة روسيا بضمانات مكتوبة بألّا تؤثر العقوبات المفروضة عليها بسبب الحرب الأوكرانية بعلاقاتها التجارية والاقتصادية والعسكرية مع جمهورية إيران.
وتصريحات الخارجية الأميركية، أول أمس كاد أن ينطق بذلك صراحةً . فعقدة الشرط الروسي الذي نشأ عن تداعيات حربها على أوكرانيا أطاحت بالعملية، إلا إذا حدثت انفراجة في المسألة “خلال الأيام القليلة القادمة”، كما بين المتحدث باسم الخارجية، نيد برايس.
غير ان هذا الاحتمال يعد ضعيفاً، حسب الصورة التي رسمها. فهو أكد على أنّ الإدارة “لن تفاوض موسكو أو طهران حول العقوبات الأميركية الأخيرة على روسيا، لأن لا علاقة لها بالموضوع النووي”.
بدوره فإنه لا يبدو وراداً في حسابات الكرملين في هذه اللحظة من التصعيد الحربي والدبلوماسي مع الدول الغربية، العمل على تسهيل تمرير الاتفاق الذي يعيد النفط الإيراني إلى السوق وبما يساعد في هبوط أسعار الطاقة الذي يفيد واشنطن وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وبهذا فإن المفاوضات تكون قد وصلت إلى عقدة مستحكمة بقدر ما صارت الحرب الأوكرانية مستعصية. وما يدعم هذا الاحتمال، أنّ الخارجية الأميركية كشفت لأول مرة عن استعدادها للنظر في “اتفاق بديل من دون موسكو”، في حال انسداد الطريق أمام تجديد الاتفاق الموقع عام 2015، الذي كانت واشنطن قد انسحبت منه في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، عام 2018.
الجدير بالذكر أنه ومنذ إعلان توقف مفاوضات فيينا نهاية الأسبوع الماضي، ومغادرة المفاوضين إلى عواصمهم من غير تحديد موعد للعودة، فقد تكرر حديث المسؤولين عن أنّ “العوامل الخارجية تؤثر بالسلب على المفاوضات بعدما اقتربت من نقطة النهاية”. والمعنيّ بذلك، مطالبة موسكو في آخر لحظة بضمانات اعفاء من العقوبات لتعاملها مع إيران، على اعتبار أنّ من حقها الاستفادة من اتفاق شاركت هي في صنعه.
من جهتها فقد ردت الإدارة الأميركية بالرفض، من زاوية أنه لا علاقة بين العقوبات الغربية غير المسبوقة رداً على الحرب على روسيا وإحياء اتفاق 2015، وبالتالي “لا يجوز استغلال المفاوضات لتحقيق تنازلات”. لكن الواقع، بصرف النظر عن حيثيات الجانبين، أنّ الحرب الروسية على أوكرانيا دخلت على الخط واثرت بالسلب على طاولة المفاوضات.
يلفت انهى لا مجال للعودة إلى الاتفاق بصيغته السابقة التي تكللت بقرار من مجلس الأمن الدولي دون روسيا . وعليه يترتب، انه لا بد من إطار مختلف “نحن منفتحون عليه” لو جعل الشرط الروسي العودة إلى اتفاق 2015 “مستحيلة”، وفق ما صرح به برايس الذي سارع إلى القول إنّ الأمور “لم تصل بعد إلى هنا، ونأمل ألا تصل… ما لم ولغاية أن نصل”.
ويفهم من ذلك انه يقول بصورة ملتوية إنّ العملية سائرة على الأرجح في هذا الاتجاه بعد ربط الاتفاق بما يحدث بأوكرانيا وجعله مرهوناً بمصيرها.
وهذا الامر يفسره انفتاح إدارة بايدن المصرّة والمستعجلة على التوصل إلى تسوية نووية ما. والمطروح في هذه الحالة اتفاق يبقى روسيا خارج اللعبة.
غير ان هناك أسئلة عن مشاركة الصين، وربما إيران، التي قد لا تستسيغ الوقوف في معسكر ضدد موسكو لحاجتها لها خاصة في سورية، إلا في حال تمكنت من التفاهم مع روسيا بشأن فصل المفاوضات عن الاتفاق بحكم حاجة طهران إلى التوصل إلى اتفاق للتخلص من العقوبات المفروضة عليها.
وفي هذا الصدد فقد أشير إلى تغريدة للناطق الرسمي في الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، قال عبرها أنّ “الجميع يركِّز بشكل رئيسي على نجاح المفاوضات، وليس بإمكان العامل الخارجي أن يؤثر بإرادتنا المشتركة للمضي قُدماً”. فاستخدامه لعبارة “العامل الخارجي” بدت متوافقة ت مع الرد الأميركي. فهل بالنهاية تجمع الحاجة للاتفاق واشنطن وطهران في وجه موسكو؟