الإكراه هو ضغط يقع على شخص بغير وجه حق تولد لديه رهبة تدفعه إلى التعاقد. فهو عيب يصيب إرادة المتعاقد فيفسد الإرادة دون أن يعدمها كليا، ومن وقع عليه الإكراه يمنحه القانون الحق في طلب إبطال العقد بسبب الإكراه. ذلك أن رضا المكره لا يأتي عن حرية وإنما يأتي عن قسر وإجبار. وقد نصت المادة 137 من القانون المدني القطري على أن ((1- يجوز طلب إبطال العقد للإكراه لمن تعاقد تحت سلطان رهبة قائمة على أساس بعثت في نفسه دون حق.
2- وتعتبر الرهبة قائمة على أساس، إذا وجهت إلى المتعاقد وسائل إكراه جعلته يستشعر الخوف من أذى جسيم محدق يتهدده أو غيره في النفس أو الجسم أو العرض أو الشرف أو المال.
3- ويراعى في تقدير الرهبة في نفس المتعاقد حالته من الذكورة أو الأنوثة، وسنه، وعلمه أو جهله، وصحته أو مرضه، وكل ظرف من شأنه أن يؤثر في مدى هذه الرهبة)).
وينبغي توافر شرطين لتحقق الإكراه: الشرط الأول موضوعي: وهو استعمال وسائل للإكراه تهدد بخطر جسيم محدق، والشرط الثاني معنوي: وهو وجود رهبة تحمل على التعاقد. أما الشرط الأول فيتحقق باستخدام وسائل غير مشروعة لتحقيق غرض غير مشروع، وهذا العنصر يمثل المظهر المادي للإكراه، كأن يهدد شخص آخر بإحراق منزله أو خطف ابنه أو قتله مثلا لحمله على التعاقد معه لشراء منزله أو سيارته مثلا، أما إذا كانت الوسيلة مشروعة لتحقيق غرض مشروع فلا يتحقق الإكراه، كالدائن الذي يهدد مدينه باتخاذ إجراءات قانونية ضده ما لم يقبل برهن عقار له كضمان للدين، أما إذا كانت الوسيلة مشروعة لتحقيق غرض غير مشروع فيتحقق الإكراه كالدائن الذي يهدد مدينه باتخاذ إجراءات قانونية ما لم يرد مبلغ أكثر من قيمة الدين ابتزازا. ويشترط في الوسيلة أن تهدد المكره أو تهدد غيره بخطر جسيم محدق بالنفس أو الجسم أو العرض أو الشرف أو المال، ولا يشترط أن يكون الغير من ذوي قربى المكره، يمكن أن تربطه به أية علاقة أخرى يسودها الاحترام والتقدير والمحبة سواء كان هذا الغير المهدد بالخطر قريبا أو صديقا أو زميل دراسة أو زميل عمل أو شريك حياة أو شريك عمل. والعبرة في جسامة الخطر بحالة المكره الشخصية، وللمحكمة السلطة التقديرية وفقا لظروف وملابسات كل حالة على حدة.
أما الشرط الثاني وهو الشرط المعنوي فهو الرهبة التي تحمل المكره على التعاقد، وهذه الرهبة يجب أن تقوم على أساس، أي أن تكون موجودة في الواقع حقيقة وليست مجرد ادعاء أو توهم ولو كان الخطر وهميا، ذلك أن وجود الرهبة قائم على معيار ذاتي محض، فإذا كانت الظروف والملابسات تصور له خطرا جسيما يتهدده أي تجعله يعتقد بوجوده ولو لم يكن هذا الخطر موجودا في الواقع مع وجود الرهبة في الواقع. كمن يهدد غيره بالقتل بمسدس حتى يمضي معه عقدا، بينما كان المسدس خاليا من الطلقات. وتراعي المحكمة عند تقدير وجود الرهبة من عدمه الحالة الشخصية للمكره من حيث الحالة الاجتماعية والصحية والعقلية والثقافية وكافة الظروف الشخصية التي من شأنها التأثير على المكره لتحديد وجود الرهبة من عدمها.