كيف يمكن للعمل العسكري الروسي الحالي أن يؤثر على جهود مواجهة كورونا في أوكرانيا؟ وهل يهدد الهجوم الروسي على أوكرانيا بظهور سلالة جديدة من كورونا؟ ما تأثير العمل العسكري الروسي على أعداد إصابات كورونا؟
هذه الأسئلة وجهناها للدكتور حسام أبو فرسخ، استشاري تشخيص الأمراض النسيجية والسريرية، في عمان بالأردن، الذي أجاب عليها في تصريحات خاصة للجزيرة نت.
-
كيف يمكن للعمل العسكري الروسي الحالي أن يؤثر على جهود مواجهة كورونا في أوكرانيا؟
قال الدكتور حسام أبو فرسخ إن أوكرانيا تعيش في ذروة الموجة الأخيرة من أوميكرون، وكباقي دول العالم وصلت الموجة ذروتها في الأسبوع الثاني من شهر فبراير/شباط الحالي، وبدأت بالانحسار منذ أسبوعين. وكذلك روسيا وصلت إلى الذروة أيضا في الموجة الأخيرة في التوقيت نفسه، وبدأت بالانحسار منذ أسبوعين، وهذا تقريبا يتناغم مع كل دول العالم التي تشهد الموجة، التي بدأت تقريبا في الوقت نفسه وبدأت بالانحسار في الوقت نفسه كذلك.
ويضيف الدكتور أبو فرسخ “أهم ما يشغلنا في أوكرانيا هو عدد إصابات كورونا، وعدد الذين يحتاجون إلى دخول المستشفى، وعدد الوفيات في هذا الوقت. وقبل أيام، بلغت ذروة الإصابات في أوكرانيا حوالي 34 ألف مصاب -وفقا لجامعة “جونز هوبكنز” (Johns Hopkins University)، حيث بلغت الإصابات في العاشر من فبراير/شباط الجاري 34 ألفا و477 حالة، وفي 23 فبراير/شباط الجاري بلغت الإصابات 26 ألفا و819 إصابة، وتقريبا 34% من الأوكرانيين قد تلقوا اللقاح، وهي نسبة متدنية مقارنة مع باقي أوروبا؛ فبريطانيا -على سبيل المثال- بلغت نسبة التطعيم بها حوالي 73%.
أما معدل الوفيات بكورونا في أوكرانيا، فسجل يوم 23 فبراير/شباط الجاري 311 شخصا، وفقا لموقع جونز هوبكنز. وتقريبا حوالي 1% من الذين يدخلون المستشفى بكورونا يتوفون.
وقال الدكتور “نحن نعلم أن مستوى الرعاية الصحية في أوكرانيا متقدم. ومع ذلك، نتوقع أن تزداد نسبة الوفيات مع العملية العسكرية، فأول ضحايا هذا الغزو سيكونون المرضى الذين في المستشفيات والذين يتلقون الأكسجين، ولذلك قد تزيد أعداد الوفيات إلى 3 أضعاف، لأن معظم هؤلاء الذين يحتاجون الأكسجين قد ينقطع عنهم قبل أن تصلهم الإغاثات العالمية، وهذا نتيجة نقص إمداد الأكسجين لمن هم في المستشفيات”.
-
ما تأثير العمل العسكري الروسي على أعداد إصابات كورونا؟
قال الدكتور أبو فرسخ إنه أيضا ستزداد أعداد الإصابات مع عمليات التهجير، لأنه لن يكون هناك التزام بإجراءات التباعد الاجتماعي، وهذا سيرافقه أيضا زيادة أعداد من يحتاجون دخول المستشفى، ولكنهم لن يجدوا مستشفيات في ظل الحرب، مما سيقود أيضا إلى ارتفاع الوفيات.
-
مع الحرب والفوضى المصاحبة وعدم قدرة الناس على ارتداء الكمامات مثلا وإجراءات التباعد الاجتماعي، هل نتوقع توفير بيئة مثالية لظهور طفرة جديدة من فيروس كورونا؟ أو بقول آخر، هل يهدد الهجوم الروسي على أوكرانيا بظهور سلالة جديدة من كورونا؟
قال الدكتور أبو فرسخ إنه لا يتوقع ظهور تحورات أخرى تكون أسرع انتشارا من أوميكرون في الوقت الحاضر. وأضاف، بالطبع، ستكون هناك متحورات أخرى تظهر وهذه طبيعة كورونا، ولكن لا أتوقع أن تسود بين الأوكرانيين.
-
ماذا ينصح بعمله للمساعدة في مجابهة كورونا خلال الحرب؟
نصح الدكتور السطات الصحية بتخزين علاجات كورونا، وختم بالقول “أنصح المنظمات الدولية، مثل الصليب الأحمر، ببناء مستشفيات ميدانية في الأماكن التي ينخفض فيها التصعيد وتوفير الإمدادات من الأكسجين”.
أي نزاع مسلح في أوكرانيا له تأثير سلبي على النظم الصحية
ويوم 18 فبراير/شباط الجاري، كتب ريتشارد سيفمان في موقع “إمباكتر” (impakter) عن تأثير النزاعات المسلحة على انتشار الأمراض المعدية، قائلا إن للنزاع المسلح اختلافات كبيرة من حيث تأثيره على انتقال الأمراض المعدية، ويعتمد ذلك غالبا على الجغرافيا والقيود المفروضة على السفر وخدمات النظام الصحي والمدة.
وقال إن المؤكد هو أنه مهما كان طول أو طبيعة أي نزاع مسلح في أوكرانيا، فإنه سيكون له تأثير سلبي على النظم الصحية، ويعطل أنظمة المراقبة والاستجابة، وينتج عنه زيادة في الأمراض المعدية المعروفة والتي يمكن الوقاية منها، والأكثر من ذلك أنه مع كوفيد-19 وأي متحورات مستقبلية فإن البنية التحتية الضعيفة لن تسمح بالوصول إلى الرعاية الصحية وحالات الطوارئ العادية، لكل من السكان المدنيين والعسكريين.
نعلم من التاريخ أن الجيش على الجانبين سيتأثر؛ فخلال الحروب النابليونية، تسببت الأمراض المعدية في الوفيات بين الجنود البريطانيين 8 مرات أكثر من الجروح التي أصيبوا بها في أثناء القتال. كانت الأمراض المعدية من بين الأسباب الرئيسية لوفيات الجنود في أثناء الحرب السويدية الروسية في أواخر ثمانينيات القرن الـ18. حتى الحرب العالمية الأولى، كانت الأمراض المعدية من الأسباب الرئيسية للمرض والوفيات بين الجنود، بدلا من إصابات المعارك وغير المعارك.
الأمراض المعدية هي الجيش الثالث
في الواقع، كان يشار إلى الأمراض المعدية على أنها “الجيش الثالث” خلال أي نزاع مسلح.
بحلول الحرب العالمية الثانية، تغير تأثير العديد من الأمراض المعدية كأسباب للوفيات أو المرض داخل الجيش، فلقد تحولت من مجرد تهديدات قاتلة إلى أمراض قابلة للشفاء في المقام الأول.
ولكن مع ظهور كوفيد-19، عاد حدوث التفشي المعدي كسبب رئيسي للمراضة والوفيات بين كل من العسكريين والمدنيين.
إعاقة جهود الحكومة الأوكرانية لاحتواء كورونا
وقال التقرير إنه مع إظهار كل من السكان الروس والأوكرانيين زيادات في إصابات كوفيد-19، فمن المحتمل أن يؤدي التوغل العسكري الكبير إلى إعاقة جهود الحكومة الأوكرانية لاحتواء المزيد من الانتشار.
لن يكون النظام الصحي أقل قدرة على توفير الاختبارات واللقاحات والأدوية فحسب، بل سيكون هناك أيضا احتمال متزايد لارتفاع معدل انتقال العدوى، حيث يقضي الناس وقتا طويلا في المخابئ تحت الأرض في أماكن ضيقة، مثل نظام مترو الأنفاق في كييف.
بالنسبة للجيش الروسي، من المحتمل أن يكون قد جلب معه فرقا طبية، فهناك تقارير تفيد بأن الروس أقاموا مستشفيات ومنشآت ميدانية على طول الحدود مع أوكرانيا.
وفي الرابع من فبراير/شباط الجاري، كتب شون ووكر -في صحيفة “غارديان” (the guardian) البريطانية- أن كوفيد-19 يظهر كعنصر آخر قد يعقد الخطط للجيشين الروسي والأوكراني.
وأخبر قائد القوات البرية الأوكرانية، الجنرال أولكسندر سيرسكي، صحيفة الغارديان أنه من بين حوالي 150 ألف جندي في صفوفه، أصيب 2400 جندي بفيروس كوفيد-19.
وقال إن الاختبار لم يجر إلا قبل الأحداث الخاصة أو في حالة وجود أعراض، مما يشير إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك بكثير. وتم إغلاق القواعد العسكرية الأوكرانية أمام الزوار للمساعدة في منع انتشار المرض.
الهجوم الروسي على أوكرانيا متواصل
وتتواصل المعارك في جميع مناطق أوكرانيا بعد بدء روسيا عملية عسكرية شاملة ضد جارتها فجر اليوم الخميس، في حين أعلنت كييف استخدام الجيش الروسي صواريخ باليستية، وسط أنباء عن حشد حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) قواته العسكرية في دول شرق أوروبا.
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن القوات الروسية تحاول السيطرة على مدينة تشرنوبل شمالي البلاد، معتبرا أن هذا إعلان حرب على القارة الأوروبية بأكملها.
كما أكدت وسائل إعلام أوكرانية تدمير روسيا منشأة لتخزين النفايات النووية في منطقة تشرنوبل. ونقلت رويترز عن مستشار في الرئاسة الأوكرانية قوله إن القوات الروسية سيطرت على منشأة الطاقة في تشرنوبل.
وكشف مستشار مكتب الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك أن سيطرة القوات الروسية على محطة تشرنوبل النووية قد تؤدي لكارثة بيئية كبرى.
وأضاف “من المستحيل القول إن محطة تشرنوبل للطاقة النووية في مأمن بعد هجوم لا طائل منه تماما من جانب الروس”. وتابع قائلا “هذا أحد أخطر التهديدات في أوروبا اليوم”.
حرب شاملة
ونقلت وكالة إنترفاكس عن وزارة الدفاع الروسية قولها إنها أنجزت كل أهدافها المحددة ليوم الخميس وذكرت أن قواتها دمرت 83 هدفا على الأرض في أوكرانيا.
وأفاد مستشار مكتب الرئيس الأوكراني أن معارك تدور على بعد 5 كيلومترات فقط عن محيط مدينة خاركيف (شرقي أوكرانيا) كما أعلن الجيش أنه دمر 4 دبابات روسية في محور خاركيف.
وأظهرت صورٌ دبابات للجيش الأوكراني في الطريق إلى خاركيف، في إطار تعزيزات أرسلها إلى تلك المنطقة.
وبث ناشطون صورا تظهر مبنى من طوابق عدة، بعد تعرضه لقصف روسي قرب مدينة خاركيف، من دون ذكر معلومات عن خسائر بشرية.
وأكدت هيئة الأركان الأوكرانية أن الجيش الروسي يستخدم صواريخ باليستية.